صمت بلغة الجرح

 

مساء مغلف بالمحبة لكم جميعا 

مساء الخيرات والسعادة لكم أنتم 

زوار ومتابعي مدونة أناقة فكر (لنقرأ معا)

موضوعي اليوم بعنوان (صمت بلغة الجرح)

يخبرونك أنّكَ قاسِـي وقلبكَ كالصخرة، لا يعلمون أنكَ لو استطعتَ أن تحميهم منها لفعلت، ولو قدر لكَ أن تفديهم بروحكَ لما ترددت، نسَوا تلكَ الأيّام العصيبة التي جلدتك قصمت ظهرك، وصقلت قلبك، لم يُدركوا أن قسوتكَ تلكَ لم تأتي من فراغ، أتت بعد قدر كبير من الخُذلان، ضياع الأحلام، وفقدان الأحبّة والخِلّان .

قسوتكَ تلكَ غلافٌ لجرحٍ عميق، لجرحٍ لطالما جاهدتَ نفسكَ لإخفاءِه، تخشىٰ أن يتسربَ من نظرةِ عَيناك، نبرة صوتك، رجفة يداك، اضطراب دقات قلبك، تخشىٰ أن يعي أحدهم ذلكَ الجرح، وأنت تعلم أنهم لن يُدركوا حجمه وعُمقه بقلبِك، تُحاول التظاهر باللامبالاة وأنه لم يعد يؤثرَ فيكَ أو لربما نسيته أو تناسيته، وبدون إرادةٍ منكَ تراهُ قد يتشكل هذا الجرح كقطعة ثلج باردة، تستقرّ بقلبك، فتُجمِّده وتصلبه .

فتجد قلبكَ بعدها لا يأبه بهذا أو بذاك، لا ينتظرُ أحدًا، لا يركضُ وراء أحد، لو حدثت بعض المشاكل مع أصدقائك أو من لهم حق عليك، تجدك لا تُبادر بكسرِ الحاجزِ الذي وضعَ ربما بسببِ قسوتكَ أحيانًا، وعدم إعطاءِهم القدرَ الكافي من الحنانِ والحبّ الذي يحتاجُونَه، فتراهُم يعتبون عليك، لم كُلّ هذه القسوة؟ ألهذه الدرجة لا نعني لكَ شيئًا؟ .

لم يعلموا حقيقةً تلك القسوة، وما أخفت وراها من قصة، لم يعلموا كيف وصلتَ لهذا الحدّ من التجاهل وعدم الإكتراث، لم يعلموا كم تُعاني لمحاربة هذه المضغة التي بين أضلعك، وكم تُحارب من أجل أن لا تتفوه بكلمةٍ تؤرقهم، فتلجأ لاعتزالهم والإبتعادِ عنهُم خوفًا من التفوهِ بكلمةٍ لا يُداوى أثرَ جرحِها، لا يعلمون كم عانيتَ بعزلتكَ عنهُم خشيةَ إيذائِهم .

هم فقط يعلمون أنكَ قاسـي القلب، مُتجمِّدَ المشاعِر، كثيرَ التجاهُل، قليـل التنازُل أنا أعلمُ هذا تمامًا وأقدِّره، كن كما أنتَ كفاكَ جهدًا لنفسكَ ولقلبك، من أحبكَ سيبقى معكَ على ما أنتَ عليه من قسوة، ولو كان فيكَ ألف عيبٍ لما تخلىٰ عنك لن يتَجرّأَ بأن يُفكِّر بهذا، ومن أراد الرحيلَ فاعطِهِ ذلكَ ولا تأبه، لا تُرهق قلبكَ وتلومَه، فليسَ لكَ حولٌ ولا قوة بما حصل لكَ، يكفي أنكَ صامدٌ إلى الآن ولم تسقط أمامهُم، أرح نفسكَ وقلبكَ والسّلام على كُلِّ من بقيَ ورحل .

تحياتي