الأربعاء، 11 ديسمبر 2019

الجزء الثالث رحلة العروس (فرحة مثيرة )


يسعد مساكم جميعاً
أتمنى من الله عزوجل أن يكون جميع متابعي وزواري الكرام بخير 
الجزء الثالث من رحلة العروس بعنوان (فرحة مثيرة ) 

نعود اليكم من جديد إلى استكمال ما توقفنا اليه في الجزء الثاني
من أحداث رحلة العروس ونسترجع الأحداث التي انتهت بعودة الأب من حيث أتي (إلي بلده وبيته )وعبور العروس وأخاها إلى الحدود المصرية في الطرف الآخر  ، التي أعتبرها رحلة لم تنتهي بعد ، بل يوجد بها الكثير من الصعاب والتحديات .

*وابتدأت الحكاية من جديد لتعزف أوتارها مع تلك العروس التي كان تفكيرها بأن الرحلة ستكون ساعات فقط وستكون بمنزل عريسها لكن ليس كل شيء يتمناه المرء يدركه ، بل من أجل أن يحصل الانسان على ما يتمناه عليه أن يواجه الكثير من الصعوبات والتحديات بحياته ، تماماً مثل تلك العروس التي واجهت تلك الأحداث برحلتها ومازالت تواجه .

* لقد انتظرت بقاعة الطرف الأخر إلى أن سمح لهم صعود الباصات من أجل السفر ، وببداية الطريق كان هناك حاجزاً من أجل التفتيش والأمن وبالفعل خضعوا للتفتيش بكل محتوياتهم وللاسف كان التفتيش يحصل بطريقة سيئة ، قد تتعرض من خلال هذا التفتيش بعض الأغراض إلى الكسر أو الخراب ، مع العلم أن كل المحتويات الموجودة بالشنط هي تجهيزات عروس ، لكن خضعت للتفتيش وبعد الانتهاء من التفتيش سمح لهم بالعبور .

* وبعد ساعة وبمنتصف الطريق واجهوا حاجزاً آخر من أجل التفتيش وبالفعل تم التفتيش مرة أخري ، وبعدها بأوقات محدودة واجهوا حاجزاً آخر وتم تكرار التفتيش مرة أخري إلى أن وصلوا لآخر حاجزاً وأمام هذا الحاجز خضعوا للتفتيش وللأسف لم يسمح لهم بالعبور .

* بل قيل لهم انتظروا ليوم غد ، وقضت العروس وأخاها أمام هذا الحاجز ليلة آخري من أصعب الليالي بهذا البرد القارص والجو المليء بالغبار والرياح والبرد ، لا يملكون فقط الا سواد الليل بعتمته المخيفة ، والبرد الذي يضرب بكل قسوة بأجسادهم ، والقلق والخوف الذي لازمهما منذ مغادرة ورجوع الأب ، والحزن الذي استوطن بقلب كلاً منهما علي ما تعرضا له بتلك الرحلة المتعبة التي كانت فقط من أجل إتمام طقوس الزواج والفرح ، لكن كما قولت لا نعرف طعم الفرح إلا اذا تذوقنا طعم الحزن والمرارة .

* كل هذا والعروس وأخاها ينتظرون إلى عقارب الساعة بصبر فارغ مع توثر شديد وتمتمة رهيبة تحمل كثير من الكلمات (متى تعدي الساعات ، متى ينتهي الوقت ، متي يسمح لنا بالعبور ، إلى متى سننتظر هنا بهذا البرد القارص) ، وعدت الساعات ببطيء شديد جداً وكأن عقارب الساعة أعلنت الوقوف والصمت أمام تلك الأسئلة الصامتة من الأخ والعروس وعيناهما لا تذوقا طعم النوم ، مع العلم أن نفس تلك الأسئلة تدور بعقل الأم والأب وخوفهما علي فلذت كبدهما وبقي الليل يحمل هذا السواد لجميعهما إلى أن شقشقت عصافير الصباح وغردت بصوتها الجميل وظهرت شمس الحياة من جديد وبدأ النور يدب ضيائه بجميع الأركان .

* لقد أعطى هذا الضياء دافع ونور من جديد للعروس وأخاها بأنه يوم جميل وكله تسهيل من الخالق عزوجل ، بالاضافة إلى أنه أعطى نفس الإحساس للطرف الأخر وهما عائلة العروس (الأب والأم والأخت والأخ ) ، وبعد ثواني من طلوع الشمس إنطلقت صفارة الإستعداد لعبور ذلك الحاجز وبتلك اللحظة عمت الفرحة بقلب العروس وأخاها وعرفت بأن رحلتها قربت علي الإنتهاء من لحظات التعب والمشقة ، بالفعل لقد عبرت الحواجز وأصبحت بديار عريسها واستقبلها عريسها بعد الحاجز بفرحة لا توصف ومشاعر جياشة من الشوق والسعادة ، ذهبت معه هى وأخاها حتى وصلت إلى بيت حماتها واستقبلتها هي الأخري بفرحة عظيمة وانتشرت الفرحة والابتسامة بأركان البيت ومن قبل جميع المتواجدين من الأقارب والأحباب الذين أتوا لرؤية العروس الفلسطينية وللتعرف علي ملامحها وكأن وجهاً آخر أتى من عالم أخر .

*أصبحت العروس وأخاها ضيوف بتلك الديار العامرة بالخير والعطاء والمحبة ونسوا كل مشاق الطريق والسفر والحزن عندما شاهدوا حسن الاستقبال والابتسامة العريضة ، وبعد أن أخذت العروس نفس عميق أخبرت الأهل عبر الهاتف بأنها أصبحت بديار عريسها وأنها وصلت بخير هى وأخاها وبتلك اللحظة عمت الفرحة بقلب أمها وأباها واطمئنوا بأنهما وصلا بخير لكن غصة الحزن ما زالت مسيطرة بقلب الأب الذي انحرم من السفر مع ابنته ومن تسليمها لعريسها بيده وهي تلك الفرحة التي يتمناها كل أب ، لكن قدر الله وما شاء فعل وتلك هي حكمة الله سبحانه وتعالي بأن يحضر الأب فرح ابنته عبر شاشة صماء لا تنطق بحرف ، شاشة فقط هدفها توصيل الصورة بدون أي مشاعر أو أحاسيس .

*وهذا بالفعل زواري ما حصل مع تلك العروس ، بعد أيام من وصولها لمنزل العريس تم تحديد موعد الفرح وطلت العروس بأبهى زينتها وحلتها ورغم أنها تلك الفرحة التي تتمناها كل فتاة بالعالم ، إلا أن للحزن كان نصيب من قلبها ، فلقد انهمرت الدموع من عينها بلحظة سريعة لما شعرت به من وحده وحنين إلى أمها وأختها وأباها وأهلها رغم أن أخيها موجود بجوارها وكل الأحباب والأقارب معها ، إلا أنها كانت تشعر بحزن شديد وبأن فرحتها ناقصة وكأنها غريبة بهذا العالم .

* آآه من ذلك الشعور الذي يخرق جدار القلب لقد شاهده الأخ بعين أخته العروس ولمسه بقلبها بتلك اللحظة لمسها بحنان وطبطب عليها بكل حب وقال لها لن أتركك بهذا اليوم وأمي وأبي وأخوتي سيشاهدون فرحك اليوم وكأنهم معنا تعالي معي وانظري إلى تلك الشاشة من خلالها سيرى أحبابنا فرحتك لا تحزني أختي فكلها أقدار مكتوبة علينا وبعد أن هدأ من روعها وطمئنها وهو بداخل قلبه حزين أيضاً أتى العريس ليستلم عروسته وهو مبتسم الوجه وقلبه مليء بالفرح ، وانتشرت أرجاء وطقوس الفرح بقاعة الأفراح ، وشاهد الأب والأم والأحباب هذا الفرح عبر تلك الشاشة الصماء ، مع غصة حزن كبيرة تغمر قلوبهم .

* وبالأخص ذلك الأب الذي كان يحمل غصة حزن تحمل الحيرة والتساؤل ...!!! أهي غصة انكسار وحزن لهذا الواقع المرير الذي نعيشه ؟ أم هي غصة حزن لأنه يشاهد فرحة ابنته عبر شاشة صماء لا تحمل أي مشاعر ..؟ أم غصة حزن لأنه انحرم من السفر مع ابنته وتسليمها إلى عريسها بيده وأن يحضر الفرح ويلمسها ويعيش الفرحة معها .. ؟ أم غصة عتاب وآلم لهذا القانون وتلك الحواجز والحدود ... ؟؟
*حقاً لا أدري ... لكن كل ما أدركه جيداً أن تلك الفرحة كانت مثيرة وناقصة من جميع النواحي ... فرحة ذاب فيها طعم المشاعر وتبدلت بشاشة صماء خرساء ..!!
* فرحة بها انكسار وعتاب وحزن وتحدي رغم كل الصعاب ...!!
* فرحة مثيرة انتهت بفرح وسعادة وبدلة بيضاء وليلة جميلة من أجمل ليالي العمر لكنها فاترة ، وبالفعل فرحة مثيرة وناقصة ليست بالفرحة العادية التي رسمها الأب والأم لإبنتهما منذ صغرها ، لقد انحرما فعلا من لمسها بحنان وحب بهذا اليوم ، لقد انحرما من توديعها وتوصيلها بيدهم والاطمئنان عليها بعد أن يستلمها زوجها .

* في النهاية بعد كل المشاق والآلام والحزن والخوف وتعب السفر والحواجز الذي تعرضت لها تلك العروس وعائلتها إنتصرت تلك الفرحة المثيرة ووصلت العروس إلى بيت عريسها وأتمني لهما حياة سعيدة مليئة بالحب والوفاء .
* وقبل أن أنتهي من حديثي أود أن أوجه رسالة للجميع بأننا شعب عربي واحد وأن الدم الذي يجري في عروقنا هو دم واحد ، وأن أبناء الشعب الفلسطيني من حقهم أن يعيشوا بكرامة وأن ينالوا جميع حقوقهم الانسانية قبل المعنوية والمادية ، والأهم من ذلك أتمني أن تزول تلك البصمة المأخوذة عن أبناء فلسطين بأنهم مجرمين ودائما متهمون وعليهم أن يثبتوا برائتهم .
للأسف أب بعمر الستين وما فوق انحرم من فرحته بابنته بسبب تلك البصمة السيئة بحق شعبنا وأبنائنا وبناتنا ، ليس هو وحده وانما أباء وأمهات كثيرات انحرموا من تلك الفرحة والسبب أنهم يحملون الجنسية الفلسطينية فقط .

* في النهاية تلك العروس تزوجت مصري وهي فلسطينية وهنا أصبح في ترابط بالدم من خلال الأولاد والنسل والنسب لذلك أتمني من الله عزوجل أن ننال كافة الحقوق التي ينالها كل أبناء الشعوب 
وأتمني من الله عزوجل التوفيق للجميع 
 بقلمي:  eman ahmed

الاسم المستعار : همس الأحباب 
تحياتي 

هناك 3 تعليقات:

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...