السبت، 18 يناير 2020

زمن الأجداد

 
مساء محمل بعبير المحبة لكل من مر من هنا
 
مساء يهمس بصدق الإحساس والحب لكم
 
مساء الخيرات والسعادة لكل متابعي وزوار أناقة فكر
 
أتمنى من الله عزوجل يكون الجميع بألف خير
 
موضوعي اليوم بعنوان (زمن الأجداد )


قالت في أحد الأيام أحسست بأنني بحاجة إلى الترفيه عن نفسي فقررت الخروج في نزهة إلى أحد الأماكن القريبة وخلال تجولي في أحد الأماكن وبين المناظر الخلابة التي تريح العين والقلب ، التقيت بصديقاتي صدفة ، فغمرتني فرحة وجودهن معي بتلك النزهة ، فتبادلانا أطراف الحديث من المزح والغناء واللعب وقضيناً يوماً رائعاً .
شعرت حقاً بالراحة وبخفة هذا اليوم الجميل ، وبخلال جلستناً التي كانت تعلوها صوت ضحكاتناً رأيت من بعيد رجل عاقل السن ، ظهرت على ملامحه علامات الكبر والشيخوخة ، يداه ترتجفان ، وعيناه مليئتان بالمتاعب والمشاق ، يحمل بيده عصاه ، وباليد الآخرى يحمل تلك الجريدة التي كان يناظرها لحظات مؤقته ، وبعدها يعيد النظر إلى جلستنا المليئة بصوت الفرح والضحكات.
كان يجلس على إنفراد ويناظرناً من بعيد فقررت أن أذهب إليه والجلوس معه ،  حينما وصلت إليه ألقيت عليه السلام ، ومن ثم سألته : والدي لماذا أنت تجلس وحدك على إنفراد ...؟؟وهل تسمح لي بالجلوس معك ..؟ فنظر إلى وجهي بعيناه اللمعتان بالحب وقال لي : أهلا بك يا ابنتي : تفضلي بالجلوس فمرحباً بك.
فجلست معه وأنا أناظر بعيناه التي كانت تدل على أنه من الفخورين ومن أصحاب الكرم والطيبة ، بلحظة قاطع نظراتي والتف إلي ، وقال تشرفت بك يا ابنتي ،من أين أنتي ..؟ وما إسمك ..؟ ولماذا تركتي صديقاتك الجميلات واللمة الحلوة وأتيتي إلى هذا الرجل العجوز ..؟ فنظرت إليه بابتسامة ورددت على مسامعه أنا بالفعل من تشرفت بالجلوس معك يا والدي ، وبعدها عرفته عن نفسي وبلدي ، وأجبته عن تساؤلاته بأنني رأيتك تجلس وحدك فأردت أن أشاركك بالجلسة ، فأنا أعشق جلسات الكبار من عملوا وكافحوا وتحملوا مشاق الحياة ومتاعبها ، ففي حديثهم عبرة وفائدة كبيرة يا والدي .
وبعد أن تبادلان أطراف الحديث الممزوج بالفرح والإبتسامة ، من خلال حديثي معه شعرت بالفعل بالراحة وهدوء النفس وطمأنينة ، فكانت السعادة تملأ قلبه ، ومن ثم بدأ في الكلام المنوع ، الجميل ، الجذاب ، فكلماته ونصائحه زادت تلك الأرض والوادي المكتسي بخضورة الطبيعة الخلابة ، وبلحظة اندماج بالحديث معه طلبت منه أن يحدثني قليلاً عن ذلك الزمان (زمن الأجداد) فقال لي عن ماذا تريدي أن أحدثك يا صغيرتي فجعبتي تحمل الكثير والكثير من خبرات ودروس هذا الزمن الجميل ..؟ هل أحدثك عن زمن الحب أم عن زمن العشق ، أم عن زمان الغرام ، أم عن زمان البساطة وحبها بهذا الزمن ..؟ عن ماذا أحدثك يا صغيرتي ..؟ 
فأجبته حدثتي عما تريد يا والدي فأنا كلي أذان صاغية لك ولجميل حديثك

فقال بابتسامة أنارت وجهه المليء بتجاعيد الزمن يا صغرتي: سأحدثك عن أجمل وأنقى زمن وهو (زمن الحب )
* بحياتناً عندما كناً في سن الطفولة والبراءة واللعب ، كناً نشاهد نشاهد أباؤناً يعملون بجدية ونشاط ويكافحون بكل إخلاص ، فكانوا يحبون العمل والحياة ويخلصون جداً لعملهم وحياتهم .
* وعندما كبرناً قليلاً وجدناهم يعشقون حقولهم وأرضهم وممتلكاتهم
* وحينما عرفناهم جيداً وأدركناً الأمر : عرفنا بأنهم مغرمون بالزراعة والمحافظة عليها وكانوا يعملون بأيديهم صباحاً ومساءاً  .
*  وحينما كبرناً وأصبحناً نحمل عقول واعية ومدركة تماماً لتلك الحياة القاسية علمونا أن نعمل مثلهم وأن نخلص لتلك الأرض ونخلص في عملناً وحياتناً ، علموناً أمور وأشياء كثيرة لم توجد بهذا الزمان .
وبلحظة ما وهو يتحدث عن زمن الأجداد وهذا الزمن المليء بالحب والإخلاص سرحت بخيالي قليلاً لأستوعب ما قاله لي ، ومن خلال فهمي لحديثه اكتشفت بأنهم كانوا أصحاب قوة لا يعتمدون على الغير ويعتمدون على أنفسهم في حياتهم وعملهم ، كانوا يهتمون بحقولهم وحقهم ، لقد كانوا أناس متسامحين ومتكاتفين وأخلاقهم عالية ويعيشون على مبدئهم ، وكان القليل يكفي الجميع  ،صداقتهم كانت حقيقة ، صداقه بمعني الأخوة والوفاء والمساعدة والعطاء ، بزمنهم وحياتهم كانوا لا يفترقون الا حينما يذهبون الى النوم ، واذا غاب أحدهم ولم يعرفون ما به لم يهدأ لهم بال ولا ترتاح لهم أنفس إلا عندما يذهبون إليه ويطمأنون عليه .

وبلحظة قاطع خيالي وأكمل حديثه عن تلك الأيام الجميله التي كانوا يعملون بها من أجل كسب الرزق وكيف تخلصوا من شحة الغذاء بعد مرور المجاعه التي أصابتهم بزمن ما ، بعدها عادو يحرثون ويزرعون أرضهم ، ويجنو منها الخير الوفير ، فكانو يزرعون جميع أنواع المواد الغذائية من ذرة وشعير وتبغ وغيرها الكثير ، وبعد نضوجها يقومون بحصدها بطريقة جميلة ومتعاونة بينهم ، وبعد انتهائهم من الحصاد وجمع الخير يقومون بالتسوق وبيعها من أجل الحصول على حاجاتهم ، ومن ثم يعدون إلى أهلهم وأحبائهم وعلى أكتافهم قوت يومهم وكل شيء جنوه من تلك المحاصيل .

 
قال لي يا ابنتي : في ذاك الزمن الجميل كانت البركة موجودة والخير يعم الجميع ، والأرض تعطي بكل سخاء وحب ، ورب بالسماء ينزل من فضله .
 
وأكمل حديثه بعد تنهيدة عميقة وقال كانت كل الصفات الحسنة من محبةوإحترام وكرم وتسامح وحب الخير للأخرين يمتلكونها أصحاب الزمن الجميل(زمن الأجداد ) ، لقد كان هدفهم مساعدة المحتاج والإنفاق على المسكين ، بالفعل يا ابنتي كانت نيتهم سليمة لا يحملون في قلوبهم على الأخرين ولا يسمحون بحدوث الشر بينهم ، كانو حرصين كل الحرص على أنفسهم وغيورين على وطنهم ، وكل حين تراهم ساجدين راكعين لربهم.

وبلحظة توقف عن إكمال حديثه المشوق وقال لي يا صغيرتي : حان الآن موعد دوائي وعودتي للمنزل وأنتي أيضاً لقد تأخرتي عن صديقاتك إذهبي لهن وأنا فهل تسمحي لي بالذهاب إلى منزلي ..؟ 
نظرت له وكلى حيرة لأنه لم يكمل لي حديثه وأجبته حسناً والدي لكن لي طلب منك..!! أنت لم تكمل لي حديثك الشيق فهل لنا بلقاء مرة ثانية  وتكمل لي حديثك عن زمن الأجداد .
 فنظر إلى بابتسامة جميلة وقال يا صغيرتي إن كان لنا يوم آخر للعيش بتلك الحياة حتماً وباذن الله سنلتقي .
فأجبته والنعم بالله والدي لكن أعطني موعد للقاء ، فقال بخبرته العالية يا صغيرتي إن أراد الله سنلتقي وإلى اللقاء ، وتركني وذهب وجعلني أفكر في أمره وأفكر هل يوجد لقاء آخر أم لا ..؟ 


بانتظار آرائكم وتعليقاتكم 


بقلمي : eman ahmad 


الاسم المستعار : همس الأحباب




تحياتي

هناك 6 تعليقات:

  1. هلا همس

    اكيد ايام الزمن الجميل

    كان بعيدا على زمن الاقنعة الحالى

    بانتظار تكملة حواركم

    ساكون بالقرب متابعا

    تحياااتى

    ردحذف
    الردود
    1. هلا اشرف فعلا زمن زمان أروع بكثير انرت يا راقي

      حذف
  2. كأن زمن خالي من النفاق والتعالي،مبني على التعاون و حب لغيرك ما تحب لنفسك
    اسلوب راقي ورائع

    ردحذف
    الردود
    1. هلا اماني بالفعل كان زمن مختلف ومميز بكل شي أسعدني حضورك

      حذف
  3. هلا اخي عبد الله انرت يا راقي بوجودك

    ردحذف

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...