الأربعاء، 22 يناير 2020

زمن الأجداد : زمن تطور الحياة


  مساء يغمر قلوبكم بالفرح والحب والسعادة

مساء يضيء عتمة لياليكم وأيامكم 
مساء الخيرات والمسرات لكل زوار ومتابعي أناقة فكر

أتمنى من الله يكون الجميع بألف خير وسعادة 

  موضوعي اليوم بعنوان (زمن الأجداد : زمن تطور الحياة )

إعتدت على الحديث مع ذاك الرجل العجوز الذي يحمل من الخبرة بعدد شعرات رأسه المليئة بالشيب والجهد ، وكل يوم أنتظر حتى يحين موعد العصر للخروج إلى الحديقة المعتادة ، فقمت بتجهز نفسي وخرجت وأنا كلي شوق وفضول لرؤية ذاك العجوز العاقل مرة أخرى ، فأصبحت متشوقة لمعرفة المزيد عن زمن الأجداد ، هذا الزمن الجميل الذي يحمل بين طياته الكثير عن حياة وتقاليد وعادات تربى عليها أجدادناً وأبائناً . 

انطلقت إلى تلك الحديقة وأنا أحمل بداخلي شوق وفضول كبير لمعرفة المزيد من التفاصيل ، وعندما دخلت الحديقة أسرعت إلى ذلك المكان ، فوجدت بالفعل الرجل العجوز يجلس كعادتك وحيداً ليس معه أحد سوا عصاه وجريدته .

فاقتربت منه وألقيت عليه تحية الإسلام والابتسامة تملأ وجهي لرؤيته من جديد ، فنظر إلي بابتسامة وردد السلام وقال أهلا وسهلا بك يا ابنتي الغالية ، كيف حالك اليوم ..؟ تفضلي بالجلوس وشاركيني بفنجان قهوتي ..، فشكرته كثيراً على جميل ترحيبه وجلست معه وبعد أن تبادلان السلام والتحية والإطمئنان على صحة كلاً مناً على الأخر .

نظرت إلى عينه ورددت يا والدي أود أن أسمع الكثير والكثير من أحاديثك عن ذلك الزمن الجميل (زمن الأجداد )، فأنت يا والدي لم تكمل حديثك السابق ، فلقد ذهبت وجعلت باقي الحديث معلقاً ، يحمل الكثير من الفضول والتساؤلات.

يا ابنتي العزيزة ماذا أقول لك فالحياة تغيرت وتبدلت أحوالها ، كأنني أعيش بعالم خيالي واسع ، أصبح خالياً من الحب والعطاء والكرم ، لقد انعدمت بهذا الزمن القيم والأخلاق والمبادئ ، وانتشر السوء والقبح ، وانعدم إحترام الكبير ، لقد رأيت بهذا الزمن الحالي أن الحب تحول إلى كراهية ، والصدق إلى كذب ، والحقيقة إلى باطل ، لقد انتشرت الرذيلة تحت مسمى الموضة التي تتحدثون عنها ، أصبحت يا ابنتي لا أعرف الرجل من المرأة ، والفتاة من الشاب ، لقد رأيت اليوم بالشوارع الشاب يحمل سيجارته بيده بدون أي إحترام لوالده الذي يمشي بجانبه ، كما رأيت الفتاة تخرج متبرجة ، ترتدي المحزق والملزق وكل مفاتن جسمها ظاهرة .

تدرين يا ابنتي في زمن الأجداد لم يكن هذا الفجور والفسق موجود ، فكان الشاب يعتبر أباه القدوة والمعلم ، وكان لا يقدر على أن يرفع رأسه بحضور والده ، أما الفتاة فكانت تخرج بالزي الشرعي ولا يظهر من مفاتنها أي شي ، عجبت لهذا الزمن يا ابنتي لفتاة أصبحت تمشي عارية وهى ترتدي النقاب.

لقد عجبت لهذا الزمن وتمنيت أن أعود لزمن الأجداد يا ابنتي ، فالحياة لها نكهتها الجميلة والمختلفة والبسيطة بكل أمور الحياة ، لا يوجد بها هذا التضخم وهذا التمرد ، اليوم يا ابنتي اذا أردت الذهاب إلى المستوصف يقولون لي هذا اسمه الآن مستشفي ، عليك أولاً بحجز التذكرة وبطاقة التأمين تكون لديك والكثير من التعقيدات غير الساعات التي أنتظر بها للدخول إلى الحكيم ، فقديما كان لدينا مستوصف وندخل للحكيم في أي وقت نشاء .

وأزيدك ياابنتي اليوم إذا أردت أن أذهب لفلان يقولون آبنائه عليك لإتصال أولاً بأبي وتحديد موعد عبر الجوال ، لا أدري كيف هذا ، في زمن الأجداد كنا نذهب ونخرج بدون أن نمسك تلك الحديدة التي يقولون عنها جوال .

وفجأة تنهد بعمق وسكت عن الكلام والحديث ، لكن عيونه بنفس الوقت كانت مليئة باللوم والعتاب على هذا الزمن الذي نعيشه ونتعايش معه ، هذا الزمن الذي يقول عنه الزمن الأغبر .

وبلحظة عندما رأيته في حيرة نظرت له ورددت يا والدي اليوم الحياة تغييرت كثيراً وأصبح كل شي بتلك الحياة متقدم ومتطور ، فالحياة اصبحت قرية صغيرة يا والدي ، ذلك الجوال يا والدي عن طريقه يمكنك معرفة العالم وأخباره والتحكم بما تريده وانت جالس في مكانك وبيتك .

فنظر إلى وجهي وقال بابتسامة غريبة كيف ذلك يا ابنتي ، وكيف لتلك الحديدة الصماء أن تجعلني أعرف العالم ..؟ فأجبته يا والدي ذلك الجوال أصبح حديث جداً لقد دخلت التكنولوجيا والعصف والتطور المعرفي والثقافي والاختراعات التي جعلت لهذا الجوال الصغير الذي لا يتعدى حجمه كفة اليد أهمية .

أتدري يا والدي حياة زمن الأجداد جميلةجداً بالنسبة لك لكن حياة اليوم مختلفة وجيل اليوم مختلف ، فلقد انتشرت المدراس والجامعات والمحاكم والمؤسسات والمراكز ، وأصبح مجال التعليم والفكر والثقافة واسع وبكل ركن من هذا العالم الكبير ، حتى يا والدي بهذا الزمن يمكنك التعلم وأنت جالس في منزلك عبر شاشة الكمبيوتر والانترنت .

كل شي بتلك الحياة أصبح مستقل ، حتى الأهل والبيوت أصبح فيها إستقلالية وحرية وعمل أكثر ، وأصبح هناك الكثير من النظام والتقدم والتطور بأمور الحياة ،لقد انتشرت المحاكم التي تأخذ حق المظلوم وتنصر المرأة وتدين الظالم وتأخذ حق الفقير وتساعد المحتاج ، ولقد ظهرت المستشفيات التي تعالج المريض ، والأطباء المميزين والكفء الذين لديهم القدرة على معالجة المريض بعد فضل الله فالحياة والمجال أصبح واسع .

كل شي أصبح بانتظام من خلال التذاكر الموجودة بالمؤسسات والمستشفيات والمراكز ، والحق أصبح منتشر من خلال مراكز الشرطة وعمل الشرطي الذي يحافظ على الأمن والأمان ، فلقد انتشر السلام والهدوء ، وانتشرت مراكز التي تأخذ حق الإنسان من خلال مجالس الصلح ، فأصبح كل شي قانوني ، فهذا يا والدي تقدم حديث يتناسب مع جيل اليوم فهو يفكر بالعلم والثقافة والتقدم والتطور .

حتى يا والدي مثل ما لهذا الزمن من ايجابيات فهو أيضاً له سلبيات فهناك من يخرج ويتبع الموضة كما قولت ، وهناك من يلتزم بالزي الشرعي ، لا تنسى يا والدي فلقد تربيناً على العادات والتقاليد التي تربى عليها أبائناً ، لكن الحياة إختلفت وتطورت وأصبحت لها واجهه أخرى .

فكل زمن يا والدي يحمل الجميل منه ونحن بهذا الزمن نأخذ الجميل منه ونتعلم ونحيا بالعلم والفكر والثقافة ، فالحضارات تتطورت وتقدمت مع العلم والبحث والتكنولوجيا .

وفجأة نظر مرة أخرى إلي وقال يا ابنتي هذا الزمن زمن غريب ، فلكل جيل زمن ، ولكل عصر حياة مختلفة ، فماذا أقول غير أن العلم هو سلاح وأنتم أجيال اليوم الغد والمستقبل .

فأجبته بالفعل يا والدي لكل وقت أذان ، وأذان اليوم هو عصر التكنولوجيا والعصف المعرفي والثقافي ، عصر التقدم والتطور .

فقال لقد استمعت كثيراً وكنت سعيد بحواري معك يا ابنتي الجميلة ، فلقد غابت الشمس وشارف الوقت على الانتهاء ، فحان موعد ذهابي وبإذن الله يكتب لنا اللقاء مرة أخرى .. أستودعك الله .


تحياتي لكم 

بانتظار آرائكم وتعليقاتكم 


بقلمي : eman ahmad 


الاسم المستعار : همس الأحباب




تحياتي



 

هناك تعليقان (2):

  1. فعلا زمنهم جميل بنظرهم لتآلفهم وتعاونهم وتجمعاتهم كانت جميلة جدا.
    لكن بزمننا هذا زمن التكنولوجيا ،حتى لو اجتمعنا معا نكون متفرقين بنفس الوقت
    فمعظمنا يتبع سلبياتها لا اجابياتها.فاصبحت المشاعر الصفراء هي التي نستخدمها بدلا عن مشاعرنا الحقيقية

    ردحذف
  2. هلا همس

    فعلا لكل زمن متطلباتة

    لكن تظل القيم محترمة من الجميع

    وكل جيل لة نظرتة للحياة ونحترمها

    تحيااتى

    ردحذف

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...