الخميس، 12 مارس 2020

جهود مسروقة : الجزء الخامس من خلف أسوار المدرسة

مساء محمل برياح السعادة لكم جميعاً
مساء الياسمين الأبيض الشبيه بصفاء قلوبكم
مساء السعادة لكم زوار ومتابعي أناقة فكر (لنقرأ معاً )
موضوعي اليوم بعنوان (جهود مسروقة
الجزء الخامس من (خلف أسوار المدرسة )
 
جهود مسروقة

جهود مسروقة

تنزلق كلماتي كلما تذكرت جهودي وأعمالي وسهر الليالي ، وتنساب بسهولة كما مياه النهر داخل حلمي المتراكم والمدفون بأعماق قلبي ، تلاحقني بين الفنية والأخرى لتذكرني بجهودي المسروقة وأعمالي والتي حرمت منها ، فلا تحاكميني أيتها الكلمات لصياغة الحروف التي ستكشف ما رأيته عند عملي بالإطار التعليمي ، فحرف أبجديتي تنزف من بوح السلام ، ولتعلنها حرباً وتمرداً على السكوت عما يجري لكل ما يملك  عقد عمل مؤقت وما يتعرض له من حرمان وسرقة لجهوده المبذولة وليست لي أنا فقط ، فاليوم نجعل راية الفضفضة والبوح لهذا القلم والعقل وما يحمله داخل جعبته عن أسوار المدرسة وما تحمل خلف أسوارها من كنوز مدفونة وعميقة .

فرحة البدء بعمل جديد .. جهود مسروقة

بذات يوم قالت معلمة بعد أن أنهيت دراستي الجامعية أتاني إتصال ، عرفت من خلال الرد بأنه تم قبولي لتوقيع عقد عمل مؤقت ، فكانت فرحتي كبيرة جداً ولا توصف ، وأخيراً بعد دراسة سنوات سأعمل وأحقق ذاتي وأثبت كياني وشخصيتي ، فحقيقة شعور لا يوصف ، كانت تغمره الفرحة الكبيرة .

أول يوم للعمل الدراسي خلف أسوار المدرسة

وبالفعل وقعت عقد العمل المؤقت وتم إرسالي إلى أحد المدارس للعمل فيها ، بصراحة لا أخفيكم سراً فمجال تخصصي إداري وليس له علاقة بالأمور التدريسية ، فكان العمل الفني طاغى أكثر على عملي ، لكن كان عندي الخلفية الكاملة عن التدريس وكيفية التعامل مع الطالبات من خلال دراستي لسنة التعليم والدروات التي حصلت عليها ، لكنني رغم ذلك لم أتوقع أن أعمل في مدرسة ، في ذلك الوقت فرحت جداً ، فكان مجال جديد وفرصة أكثر للتعرف على جو المدارس والطالبات ، فكنت كلما مررت أمام سور المدرسة أتساءل يا ترى ماذا يوجد خلف أسوار المدرسة غير التعليم والطالبات ، وتمنيت أن أعرف بدافع الفضول فقط ، وبالفعل أتى اليوم الذي سأعرف ما يوجد بداخل المدرسة والفرصة الأكبر أنني سأتعامل مع عالم جديد وجو مختلف .

بالفعل ذهبت للمدرسة وسلمت عقدي وبدأت الدوام الرسمي ، بالبداية كان الأمر جديد ومختلف ويوماً بعد يوم تقربت من الجميع وكونت علاقات جميلة وصداقات مع الجميع ، فكان مبدأي دائما المساعدة والمبادرة ، فاستلمت عملي بأروع مكان وأجمل كنز ممكن أن تتعامل معه ، فكان الكتاب رفيق دربي ، والقراءة الصباحية مفتاح البسمة والسعادة ليومي ، ومن هنا إستثمرت هذا الأمر ونشرت الوعي والثقافة لهذا الكتاب وأهمية القراءة ، فسعيت إلى عمل لقاءات وندوات ولم أكتفي بذلك تعمقت بعمل الإذاعات التي تتحدث عن القراءة وأهميتها ، بصراحة السعادة في حينها كانت تغمرني بكل حين ، فلقد تعبت وأعطيت مجهود كبير من أجل إنارة تلك الشمعة وجعلها تتلألأ بكل ركن من أركان الفصل ، رغم ان مجال عملي كان اجراءات فنية ، لكن حبي وشغفي للقراءة والكتاب جعلني اغوص بغير مجالي .

ولم أكتفي بهذا الأمر بل أخذت حصصاً وتعمقت مع الطالبات ونشرت الكثير من الوعي والعلم والثقافة بينهن عن أهمية الأخلاق والأمانة والقراءة والصدق ، إستخدمت إسلوب التوعية بالفيديوهات التعليمية والتربوية ، نشطت العقل والفكر بالقصص الدينية والإجتماعية والسلوكية ، ومن بعدها شعرت بقيمة نجاحي وتعبي ومجهودي من خلال محبة طالباتي وتعديل سلوك البعض منهن ، فلقد عشقت جداً هذ العمل ونسيت أنني مجرد عقد وسيأتي يوم وينتهي ، فلم أقف مكاني بيوم من الأيام ، استمريت بالعمل والتعب والجهد كل من طلبت مساعدة قدمتها لها على طبق من ذهب وبكل محبة وإخلاص لكن رغم ذلك كانت جهود تنسب لاخريات ويدرج فيها اسماء معلمات أخريات لكني التزمت الصمت .

المسابقات الثقافية داخل أسوار المدرسة

إلى أن أتى ذلك اليوم الذي أعلنت فيه المدرسة عن مسابقة ستكون على مستوي القطاع بأكمله وكان من ضمن تلك المسابقات ، مسابقات ثقافية متنوعة  ، في حينها تم تسليم المسابقات الثلاثة لمعلمة اخرى تعمل على بند عمل مؤقت ، فوافقت تلك المعلمة في ذلك الوقت على المساعدة والإشراف ، وبدأت عملها ومساعدة الطالبات المشاركات في المسابقة من خلال البحث معهن بالكتاب عن المعلومة ، والإستعانة بالانترنت والمجلات والموسوعات وما شابه ذلك ، يوم بعد يوم حتى استمر ذلك الوقت شهراً فأصبح المجهود كبير والعبء أثقل على تلك المعلمة ، فوجدت من خلال متابعتي لها هى فقط من تتحمل مجهود الثلاث مسابقات وهى فقط من تقوم بالبحث والعمل والطباعة والإشراف والمعلمات الأساسيات لا علم لهن بما يجري بأمور المسابقات الثلاثة ولا إلى أين وصلن الطالبات من المسابقة ، فكل ما لديهن من علم هو أنهن إستلمن شعار المسابقة الذي بعد ذلك قامن بإرساله إلى تلك المعلمة من أجل المتابعة مع الطالبات .

وبالفعل لاحظت سهر الليالي لتلك المعلمة من أجل البحث والتدقيق والعمل والمراجعة بمسابقات الثقافية ، والفعاليات المتنوعة التي تولت مسؤليتها والتي إستغرقت فوق الشهر الكامل ، بالاضافة إلى خروجها المستمر على نفقتها الخاصة والذهاب لأماكن وجامعات ومؤسسات من أجل توفير المعلومة والبحث والثقافة وسهرت كثيراً ، ولا أخفيكم سراً لقد عملت تلك المعلمة بضمير مرتاح وقلب صافي فكان همها الوحيد هو اثبات أنه على قدر كافي من المسئولية وأنها ستنجح بهذا العمل الذي وكل إليها ، ولم يهمها في ذلك الوقت كل الأتعاب والجهود والليالي التي سهرت فيها وتعب ، بقدر ما كان يشغل فكرها وبالها الفوز والنجاح بتلك المسابقات ، وبحمد الله كافحت وأنجزت تلك المسابقات وتلك المعلمات الأساسيات كن فقط مجرد إسم بتلك المسابقات وتم تسليم المسابقات وبقيناً شهراً ننتظر النتائج  .

وأخيراً وبعد تعب مستمر نجحت تلك المعلمة فلنجاح طعمه االخاص ورائحته الزكية التي كانت مغلفة برائحة الجهود المبذولة ، بالفعل إبتسامة النجاح تزيل كل الآلم والجهود والتعب الذي بذل في ذلك الوقت ، فلقد نجحت تلك المعلمة المؤقتة في الثلاث مسابقات ، وبحمد الله تم ذلك الأمر ، وتمت المباركات من الجميع ، لكن للأسف الفرحة دائما تبقي قصيرة وأحياناً تكون لأصحاب لا يستحقونها بصراحة .

ظلم وجبروت وجهود ضائعة للغير

لقد تم نسب النجاحات والجهود المبذولة إلى أيادي لم تلمس تلك المسابقات والفعاليات ولم تقم حتي بمعرفة ما بها ، ياااه ما أصعبه من شعور بلحظة واحدة ينسب كل مجهودك وتعبك وسهرك إلى شخص آخر لم يعير أي إهتمام في يوم من الأيام إلى تلك المسابقات ، بحق كيف لهذا السارق أن يفرح عندما تنسب له جهود لم يبذل فيها قطرة واحدة من التعب ، وكيف للإدارات العليا أن تنسب هذا الجهد لشخص آخر وهى على علم بأن شخص آخر تعب بهذا المجهود .

لا أدري بصراحة ما الذي حصل لي بتلك اللحظة عندما علمت بأن جهود تلك المعلمة المسكينة ذهبت لمعلمات اخريات  ، فقد أصبت ببركان من الغضب ، عندما سمعت بأنه حتى لم يدرج إسم تلك المعلمة ضمن أسماء تلك المعلمات ، وأنه فقط المعلمات الأساسيات لهن الفضل وهن الفائزات وعليه سيتم تكريمهن هن فقط ، وعندما علمت تلك المعلمة استشاطت غضباً وواجهت مديرتها بعبارة لماذا هن فقط ؟ أنتي على علم بأنني أنا فقط من بذلت كل الجهد من أجل نجاح المسابقات
 ؟ 
 
وفي النهاية حتى أن إسمي لم يدرج من ضمن الأسماء ؟ فكان الرد كما الصاعقة القوية على رأس تلك المعلمة من قبل الإدارة فأجابت نعم فأنتي من بذلتي كل الجهود لكن أنتي تعلمين أنتي فقد مجرد عقد مؤقت والمسابقات تكن باسم المعلمات الأساسيات ، فهذا قانون لا يمكن تجاوزه ، للأسف قانون ظالم فأي قانون هذا يسمح لموظف البطالة أن يحرم من حقه وتنسرق جهوده ، فأجابتها أختي لا تزعلي أنتي كنتي الجندي المجهول بحق بكل المدرسة وليست بالمسابقات ، فأنتي غيرت فكر الطالبات ونشرتي الوعي فكلنا نعمل من اجل المدرسة وبالنهاية هذا حظ أصحاب العقود أمثالنا .

تساؤلات كثيرة بحق الجهود والمعلمات التي يسرق حقها حتى بند عقد عمل مؤقت

لكن للأسف إلى متى سنبقى على هذا الحال وإلى متي ستبقى جهودناً مسروقة ؟ ولماذا دايما الجهود مسروقة ؟ ولماذا دائما حق صاحب العقد المؤقت منبوذ ؟ وكل ما عليه فقط هو الحرث عليه وأن يعمل بإخلاص وأمانة وفي النهاية يستلم ويكرم على عمله معلمة آخرى لا تستحق هذا التكريم ؟ لماذا دائما حقناً كأصحاب بطالة وعقود مؤقتة مهضوم وجهودناً دائما مسروقة ؟ 

لا أدري حقيقة فهذا الأمر الذي حدث مع زميلتي جعلني أفكر بأن على الأنسان أن يتوقف عن المساعدة والعمل التطوعي ، رغم أنه عمل خير إلا أنه للأسف هناك من يستغل هذا العمل ويسرق تلك الجهود المبذولة والمتعوبة .

في الختام

وآآآه من أسوار المدرسة وما تخفي كل يوم داخل صناديقها المزعجة ، فكم كان حبي كبير وشغفي أكبر لؤوية ومعرفة ما خلف أسوار المدرسة وما يوجد بها ، فاليوم أصبحت أسمع وأشاهد الكثير والكثير من داخل أسوار المدرسة وليس من خلف أسوارها ، وللأسف ما زالت صناديق المدرسة تعج بالكثر والكثير ، وكل يوم سينفجر بركان وصندوق آخر .



بانتظار أرائكم وتعليقاتكم 



eman ahmaed

الاسم المستعار : همس الاحباب 

 

تحياتي
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...