الاثنين، 23 مارس 2020

دموع الندم


مساء محمل برائحة الجوري والحب لكم
مساء السعادة والياسمين لكم جميعاً
أتمنى من الله تكونوا بألف خير وسعادة
زوار ومتابعي مدونة أناقة فكر (لنقرأ معاً)
حروفي اليوم بعنوان (دموع الندم)




أتت أيام عجاف ودخلت لروحي بكل سكينة وهدوء حتى إستوطنت مكانها وأبت أن تفارقني ولازمتني كما تلازم الشمس القمر ، وكما تلازم الرياح أعاصير الهواء ، جعلتني أشعر بحالة من الحزن والإكتئاب لما تعرضت له ، وبسبب تلك الرفقة السيئة ، رافقتني دموع الندم طيلة حياتي ، ولم يتبقى لي من أثر تلك الحياة الجميلة والسعيدة التي كنت أعيشها إلا الذكريات التي تمزق قلبي كلما مرت أمامي وهى محملة برياح الأهل والأحباب ولحظات الفرح والسعادة ، فكانت تعصف بي وتمزقني وتزيد لوعة سجني أكثر وأكثر .
هذا ما قالته تلك الفتاة عندما قامت بمحادثتي في اتصال هاتفي ، لقد كانت دموع الندم تسبق حديثها ، وأنات الحزن لا تفارقها ، قالت بصوت مرتجف يكاد هذا الصوت يختفي مع تلك الدموع المنهمرة بغزارة الأمطار ، أنا بحاجة لمن يسمع همس أنيني ويساعدني في مأساتي ومصيبتي ، فطلبت منها أن تهدأ قليلاً وتحدثني عما تشعر به وما تعرضت له لعلني أستطيع مساعدتها ، فقالت حياتي اليوم مؤلمة جداً  ،فأنا اليوم سجينة الأركان ، محاطة فقط بالحيطان ، فلقد كانت حياتي بالأمس جميلة جداً لدرجة أنه لا يمكن وصفها ، عشت أيام طفولتي الجميلة مع أختي التي تكبرني بسنتين بكل براءة وعفوية بين أهلي وأحبابي ومن ثم إنتقلت لدراسة الإبتدائية وكنت لا أرضى بأقل من تقدير ممتاز  .

وبالفعل كان التفوق والامتياز حليفي الذي لا يفارقني حتى أتت مرحلة الثانوية ، في تلك المرحلة القاسية والتي غيرت مجرى حياتي كلياً ، عندما تعرفت على صديقات وكونت معهن صداقة وكانت الصديقات سيئات والصداقة بحد ذاتها سيئة حتى غيروا تفكيري وآمالي وطموحي بشكل كلي ، تعلمت على يدهن الكثير من الأساليب السيئة والتي لا تليق بأخلاقي .  
وفي يوم من الأيام طلبن مني صديقاتي بأن أتي بالمال ، ولكني أجبت بأنه لا يوجد معي المال الكافي ، فقالت إحدى صديقاتي عليك أن تقومي بالسرقة ، فخفت ببداية الأمر كثيراً ورفضت أكثر ، لكن الزن على الوذان أمر من السحر ، فقد إستلمتني صديقتي بكثرة الزن وصورت الحياة أمامي بشكل خرافي إذا توفر المال معي ، بأنني سأملك العالم وأغير حياتي وأعيشها بكل رفاهية وحب ، والأهم أنني سأعيش السعادة من أوسع أبوابها ، وسأحصل على ما أريد من ملذات الحياة ، فهنا وسوس لي الشيطان بمساعدة وزن صديقة السوء أن ألجأ إلى المنزل وأسرق ذهب أمي ، وبالفعل ذهبت للمنزل وقمت بسرقة ذهب والدتي وأخذته معي للمدرسة وكانت المرة الأولى التي بحياتي ألجأ فيها إلى السرقة .
وفي المساء أحست أمي بفقدان الذهب ، فهنا أمي دارت الشكوك نحو الخادمة التي كانت تخدم بمنزلناً ، وقالت إنها السارقة ، ووجهت لها كلامها وأهانتها بشكل قاسي لا يوصف ، وبذلك الوقت كانت أختي تنظر لي بنظرات قاسية كأنها تقول لي أنا شاهدتك تسرقين ذهب أمي ، فنظرتها لي جعلتني أرتجف من الخوف ، لدرجة أنني لم أشعر بجسدي وروحي من هذا الخوف الشديد ، لكنني بقيت واقفة بمكاني أشاهد ما فعلته أمي بتلك الخادمة المسكينة لكني لم أستطع أن أقول بأنني أنا من سرقت هذا الذهب وإلتزمت الصمت وأختي بذلك الوقت قامت بتهديدي في حالة أنني لم أقم بإرجاع الذهب ستبلغ والدتي عما شاهدته ، لكنني أنكرت وبشدة إتهام أختي رغم علمي بأنها صادقة وبأنني أخطأت لكن تفكير السلبي كان طاغي في ذلك الوقت ، ولم أشعر بخطأي إلا بعد فوات الأوان ، المهم أنني بوقتها رفضت وأنكرت وأختي أعطتني مهلة للصباح من أجل إعادته .  
وفي صباح اليوم الثاني لم أبالي بتهديد أختي ، فقد كان الشيطان مسيطر على تفكيري بشكل كامل ، فخرجت من المنزل و قمت ببيع ذهب والدتي بمبلغ كبير من المال ، بناءاً على طلب صديقاتي ، رغم أنني لا أعلم لماذا طلبن مني سرقة وبيع ذهب والدتي ، وبقى السؤال المحير بذهني وعقلي ماذا يريدن أن يفعلن بهذا المبلغ ؟ مع العلم أن حياتي من وقتها انقلبت حياتها إلى هموم وأحزان ، ومصائب ومصاعب ولم أعد كعادتي وهجرت تلاوة القرآن الكريم وأكثرت من السهر وأدمنت متابعة الإنترنت بكثرة حتى غرقت في بحر الشهوات وتاهت في دهاليز الظلمات مما أورثني النكد في العيش والظلمة في القلب والضيق في الصدر ، رغم أن أختي نصحتني كثيراً بأن ابعد عن تلك الصديقات وأن أرجع لوعي وتركيزي ، لكنني للأسف لم أبالي ولم أعطي أهمية لحديثها .
وأصبحت أختي منذ ذلك الوقت وهى تراقبني ، وفي المساء .. سمعتني أختي عندما حدثتني صديقة السوء عبر الهاتف وطلبت مني أن أتحجج بحجة المرض من أجل عدم الذهاب للمدرسة ، وبالفعل في الصباح اعتذرت عن الذهاب للمدرسة لمرضي ، وهنا أختي الكبيرة راودها الشك الكبير وتأكدت بأنني كاذبة وأنني أريد الترتيب لشيء غامض بالترتيب مع صديقتي ، لكنها سكتت عن الأمر ولم تخبر والدي بذلك الأمر  وذهبت للمدرسة كعادتها لوحدها ، ولما عادت أختي ظهراً من المدرسة تفقد غرفتي ولكنها لم تجدني في غرفتي ، ومن هنا أختي أخبرت أمي بأنني من سرقت الذهب وقمت ببعيه ، فسقطت أمي من هول المصيبة مغماً عليها  .
ولم تكتفي أختي بذلك بل قامت بالاتصال بوالدي وإخواني وأخبرتهم بالقصة كلها منذ رأتني أسرق الذهب والمبلغ الموجود في حقيبتي واتصالات صديقتي المشبوهة ، فجن جنون أهلي لما سمعوا ولم يصدقوا ما فعلته أختي ، فخرجوا مسرعيين في البحث والتحري وبلغوا رجال الأمن حتى خيم المساء بظلامه المخيف وإذ بالهاتف يرن مخبراً بأنه تم العثور على أختي ويلزم حضور ولي أمرها فذهب أخي وعاد بدونها مما أصابنا بصدمة قاسية فصرخت في وجهه أين أختي ؟؟ أين هي ؟؟ فهدأ من روعنا وأخبرنا بأنها سجينة ومتهمة ببيع كميات هائلة من الذهب على إحدى المحلات التجارية وشك فيها هي وصديقتها فأبلغ رجال الأمن فقبضوا عليها سيما أنهما حديثتا السن وهنا كانت المفاجأة فقد كانت أختي خامسة العصابة التي تسرق الذهب وتبيعه بأي مبلغ وكانوا يضعون المبالغ لدى أختي ودليل ذلك أن رجال الأمن قاموا بتفتيش غرفتها مع رجوع أخي ووجدوا مبالغ مالية كبيرة مختلفة الفئات ومجموعة من الذهب ويشهد الله أن أختي لم تمارس السرقة حتى تعرفت على هؤلاء الصديقات اللواتي ورطوها فدخلت السجن وهناك استيقظت من غفلتها لكن بعد فوات الأوان .. 
حكم عليها بالسجن 4 أشهر وكنا نزورها باستمرار حتى شاء الله وقدر وتوفي الوالد في حادث سيارة قبل خروجها بيومين وذهبت لزيارتها وأخبرتها فبكت بكاءً شديداً على والدي العزيز – رحمه الله –  الذي طالما بكى وبكى بسبب جرمها وانحرافها وعانى المرارة والأسى على دخولها السجن وكان اليوم الأول في العزاء مؤرقاً ومخيفاً لنا من سؤال الناس عنها فقد كنا نعلل ذلك بأنها مصابة بانهيار عصبي وأنها في بيت أخي الأكبر لا تستطيع رؤية أحد ويلزمها الراحة كما قال الطبيب وغداً ستكون موجودة وحصل ذلك وخرجت صباح اليوم الثاني لتشاركنا العزاء في مشهد مهيب وتفاصيل مبكية للجميع .
قالت لقد عرفت خطأي لكن بعد فوات الأوان ، بعد أن عشت تجربة قاسية جداً بحياتي ، وحرمت من وداع أبي ، فأنا حملت ذنب قهرته ، وأنا أتحدث ودموع الندم تلازمني وأتمنى لو أنني لم أمر بتلك التجربة القاسية ، لكن بتلك الحياة الإنسان كل يوم يتعلم ، ومن هنا ومن تجربتي أقول للأسف هذا حال الكثير من الفتيات التي عندما يتعرفن على صديقات السوء ، فقد يشاركن في تدمير البيت بأكمله ، وقد يصل الأمر أحياناً إلى أن يفقد الأهل وعيهم وقد يصاب أحد الوالدين بالموت أو المرض بسبب ما تجره لهم إبنتهم التي ربوها على الأخلاق والتربية ، لكن رفقة السوء نزعت كل ذلك وجعلت محلها الكذب والسرقة والإجرام ، اللهم عافينا وإحفظ الجميع .
بانتظار أرائكم وتعليقاتكم 

eman ahmaed

الاسم المستعار : همس الاحباب

 

تحياتي
 
   

هناك 3 تعليقات:

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...