الأحد، 22 مارس 2020

رحلة الحياة

 
مساء محمل برائحة الجوري والحب لكم
مساء السعادة والياسمين لكم جميعاً
أتمنى من الله تكونوا بألف خير وسعادة
زوار ومتابعي مدونة أناقة فكر (لنقرأ معاً)
حروفي اليوم بعنوان (رحلة الحياة)

تاهت الدروب بناً ، وأصبحناً لا نعرف أين نحن ، ولا إلى أين وصلناً ، فكل ما نتذكره أنناً بيوم عابس ومليء بالأحزان والآهات قررناً الرحيل إلى بلاد واسعة لا نعرف أين منتهاها ، واللجوء إلى بلاد نجد فيها العمل والمال ، فكل ما كان يشغل الفكر والعقل بحينها ، هو قرار الرحيل والفرار من متاعب تلك الحياة القاسية ، التي أقفلت أبوابها أمامناً ، ومنعتناً من إحساس الراحة والهدوء ، فكل ركن نتخبطه يقفل أبوابه بوجوهناً ، ضاقت الحياة ، وزاد ضيقها يوماً بعد يوماً ، إلى أن طفح الكيل وإشتد ألم العصيان وتمردت وثارت الحياة بوجوهنا حتى كرهناً العيش بتلك البلاد .
 
عزمناً الرحيل بيوم كانت رياحه عاتية وشديدة الهيجان ، تتخبط بكل ركن من أركان البلاد ، وتعصف تلك الرياح برمالها فتناثرها بين هنا وهناك ، لتغشي أعين كل ما شاهدها وفكر بالوقوف أمامها ، تركناً الأهل والأحباب والدموع منهمرةكما هطول الأمطار بوقت الجفاف ، كأن العيون أصبحت عطشى لتلك الدموع التي رفضت التوقف عن البكاء ، نسير ونعفر أقدامناً بتلك الرمال المتناثرة ، ونتسائل كثيراً إلى أين نحن نسير ، وإلى أين نتجه ، وكل واحد مناً يردد السؤال ويشغل فكره بألف سؤال آخر ولكن دون جدوى ، ودون وصول لجواب يقنع الروح والعقل والفكر .
 
نسير ونسير ونسير أوقات طويلة وأشهر مستمرة والجوع ينال من أجسادناً ، والعطش يحروق أرواحناً ، والشمس ما زالت تحرقناً بنهارها ، والبرد الشديد يلسع نبضات القلب كلما غابت شمس الحياة ، وكلما خيم الليل عليناً دون الوصول تصبح الروح قاتمة كما سواد هذا الليل الكاحل ، نمضي الليل بين آنين الفراق ، ولسعات البرد القارص ، ودموع ما زالت منهمرة لا تعرف متى تتوقف.
 
وبعد هذا قررت النفس أن تخلد للراحة على رمال الصحراء ، فأغمضت العين وهدأ الجفن ، رغم أن الفكر مازال مشغولاً ، والجسد منهك لا يشعر الا بوخزات ألم المسير ، وإذا بالعين تفيق على سواد الليل ، والأذن تسمع زفير وصرخات الذئاب الموحشة ، التي كلما زاد الليل سواد كلما زادت تلك الأصوات  ، يا لهذا الليل كم هو موحش ولتلك الحياة كم هى قاسية ببعد الأحباب وفراق الخلان والأهل ، لكن المرارة تزداد ألماً كلما تذكرت بأننا راحلون من أجل لقمة الحياة ، راحلون لأبعاد الأرض من أجل العمل والكد والمشاق ، راحلون من أجل توفير المال والمستقبل .
 
وبقى الفكر طول الليل ناظراً للنجوم وخالق السماوات ، يفكر ويتأمل إلى أين سيسير هو وأخاه ، حتى فكر باللجوء إلى بلاد الخير والعطاء ، وقرر بأن يكمل مسيره بمجرد شقشقة الصباح ، بدون ملل أو جهد ، وبالفعل ما أن أشرقت شمس الصباح حتى هم بالرحيل وشد رحال السفر ، وواصل المسير هو وأخاه ، مرة يستريح من التعب ، ومرة آخرى يكمل الطريق ، وبقى الحال كثيراً حتى ول إلى بلاد الخير بعد سفر طويل ورحلة شاقة مع المصاعب والتحديات ومشاق الطريق وألم الصحراء ورمالها الحارقة وشمسها اللاسعة .
 
دبت الحياة فيني عندما رأيت الخير والعطاء والجود ، ونسيت كل الآلآم والمشاق ، وإخترت مكاناً من أجل الراحة لي ولأخي ، وقضيناً هذا اليوم فقط براحة أجسادناً وتناول الطعام ، فقد ارتاحت قليلاً النفس ، لكن الفكر ما زال مشغولاً بما سيعمل وما هو مشروعه ببلاد الغربة ، فكر وفكر كثيراً حتى إستدل لفكرة جنونية ، قد يكسب من ورائها المال ويحقق ما يتمناه ، فقرر بحينها أن يشارك أخاه بفكرته وعرض عليه تلك الفكرة ، وقال له عليناً أن نبدأ مشروعناً بتلك الحياة من خلال عمل قارب صغير نصطاد من خلاله الأسماك ونبيعها بسعر مناسب ويوماً بعد يوم سيكبر هذا المشروع ، لكن يا أخي عليناً أن نؤمن بهذا العمل وأن يكون الإخلاص والأمانه هى طريقناً ولا نسمح للحرام أن يدخل جيوبناً ، ويد بيد أخي سنحقق ما جئناً إليه ، وسنعود لبلادناً محملين بالخير والعطاء والفرحة لتلك الأم التي ودعتناً بدموع الآنين ولوعة الفراق .
 
عاهدني يا أخي أن نعمل سوياً بالخير والمحبة ، وبالفعل تعاهد الأخ وأخيه على أن يعملاً سوياً ، وبدأ يشقاً طريق الخير والعمل ، وبعد مشاق يوم كامل قاما بتجهيز القارب ، ونزلاً البحر متمسكين بيدهم مع بعضهما البعض، يشقا طريق البحر ، ويتحملاً برودة البحر وإعصار الأمواج ، وينظرا لبعضهما بابتسامة غارقة تملأ الوجه بالخير ، حتى إصطادا شيئاً بسيطاً  من الأسماك فحمداً الله كثيراً على هذا الرزق حتى لو كان قليلاً وردداً بأن القادم أجمل وبأن الله سيرزق من رضى بالقليل ، وإستمرا على ذلك الحال أياماً وأشهراً ، يغوصون بأعماق البحار ويتحملون برودته القارصة ، وأمواجه العاتية على حين غفلة ، أصبحوا يتمرجحون بالقارب يميناً ويساراً ويعصف بهم الجو هنا وهناك .
 
حتى عدت الأشهر وزاد الرزق وأصبح لدى الإخويين الكثير من الأموال فقرراً أن يصنعاً سفينة لتكبير الرزق وتوسيعهم ، والفرحة دخلت لقلوبهم ، والسعادة والرزق أصبح رفيقهم ، وعدت السنوات والأخيين مع بعضهما البعض يعملاً ويكافحاً ويكبراً الرزق ، وكلما زاد الرزق كلما زادوا في إخراج الأموال لله ، فلقد كان مبدأهما مساعدة المحتاج ، والتصدق علي الفقير ، فسمعتهم كانت كما الياسمين الأبيض ، سمعتهم نقية جداً  ونالوا محبة الجميع .
 
حتى أتى ذلك اليوم العصيب ، المحمل بعواصف شديدة ، في ذلك اليوم تعرضت سفينة الأخوين للغرق ، فحاول الأخوين إنقاذ أنفسهما وبمساعدة الآخرين إستطاعاً أن يخرجا السفينة من أعماق البحر ، وبعد أن إلتقط الأخوين أنفاسهماً أسرعا إلى السفينة لمعرفة ما هو الخلل ، ولإصلاح ما حدث بالسفينة ، لكن للأسف الأخوين لم يقدراً على إصلاحها ، في ذلك الوقت إستعان الأخوين بجميع الخبراء الموجودين من أجل إصلاح السفينة ، لكن للاسف لم يستطع أحد منهم معرفة كيف يصلح المحرك الذي عطل بالسفينة .
 
في ذلك الوقت وبعد محاولات باتت كلها بالفشل قال أحد الخبراء أن هناك رجلاًعجوز يعمل في إصلاح السفن منذ أن كان شاباً ، إستعينوا به لعله يصلح تلك السفينة وهذا المحرك ، فهنا قرر أحد الأخوين أن يأتي بهذا الرجل العجوز لكي يصلحها ، وبالفعل أتي الرجل العجوز  ، وهو يحمل حقيبة أدوات كبيرة معه وعندما وصل باشر في العمل فحص المحرك بشكل دقيق من القمة إلى القاع .
 
في ذلك الوقت كان الأخوين يراقبون الرجل العجوز راجين أن يعرف ماذا يفعل لإصلاح المحرك ، وبعد الإنتهاء من الفحص ذهب الرجل العجوز إلى حقيبته التي كانت معه وأخرج مطرقة صغيرة من تلك الحقيبة ، وبهدوء طرق على جزء من المحرك وفوراً عاد المحرك للحياة ، وبعناية أعاد المطرقة إلى مكانها ، فتعجب الأخوين مما فعله الرجل العجوز ، وزاد عجبهما عندما إشتغل المحرك بلمسة بسيطة من هذا الرجل العجوز الذي أصلح المحرك .
 
و بعد أسبوع من تصليح محرك السفينة ، استلم الأخوين فاتورة الإصلاح من الرجل العجوز ، وكانت المفاجئة الكبرى للأخوين ، إذ كانت الفاتورة تحمل رقم بقيمة عشرة آلاف دولار !فتعجب الأخوين وقررا معرفة لماذا هذا الرقم القياسي ، وهتف الأخوين هذا الرجل العجوز هو بالكاد فعل شيئاً لم نعرفه من أجل إصلاح المحرك ، لذلك كتبوا للرجل العجوز ملاحظة تقول رجاءاً أرسل لنا فاتورة مفصلة .
 
وعندما وصلت الرسالة لهذا الرجل العجوز ، لم يستغرب من الأمر بل قام بإرسال الفاتورة إلى الأخوين مكتوب فيها كالتالي: الطرق بالمطرقة $2.00معرفة أين تطرق $9998.00 ، فتفاجأ الأخوين وعرفا حينها أن الجهد مهم جداً بتلك الحياة القاسية ، لكن معرفة أين تبذل الجهد في حياتك هو الفرق ، ومن هنا جعلا ماحدث هو عبرة لهما بحياتهم من أجل الصعود أكثر إلى القمة والنجاح بتلك الحياة المتعبة بكل أشكالها .          
 
بانتظار أرائكم وتعليقاتكم 

eman ahmaed

الاسم المستعار : همس الاحباب

 

تحياتي
 

هناك تعليقان (2):

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...