الثلاثاء، 24 مارس 2020

البذرة الصالحة

مساء محمل برائحة الجوري والحب لكم
مساء السعادة والياسمين لكم جميعاً
أتمنى من الله تكونوا بألف خير وسعادة
زوار ومتابعي مدونة أناقة فكر (لنقرأ معاً)
حروفي اليوم بعنوان (البذرة الصالحة)

حياة واسعة لكن رغم ذلك قد تضيق بك الأرض بما رحبت في يوم من الأيام ، وتقلب أيام الزهر والثمر إلى أيام عجاف قاسية ، تتجرد من ألوان الزهر ولا تحمل بداخلها إلا أوراق متساقطة كما الخريف ، ومن شدة تلك الأيام تظن أن الحزن الذي تتعرض له والألم الذي تشعر به سيأكل قلبك وروحك وكيانك ، وقد يخيب ظنك بالناس ، ولا تقدر على مواجهة تلك الأيام .
 
لكن بعد لحظات من هذا الحزن ، تشعر بأن شيئاً بداخلك يهمس لك ويردد : أيها الإنسان أيا كان همك كن على يقين أن ألمك سيضمحل ووجعك سيطوى وأنت على باب عظيم إسمه الصبر ، وكلما شعرت بهذا الهمس إطمأن قلبي وساعدني على تحمل تلك الظروف القاسية ، والآهات التي أحملها كلما تذكرت ما تمر به عائلتي من تعاسة وضيق حال وفقر ، وجعلت هذا الهمس شعاري ، وبدأت أردده بيني وبين نفسي كلما شعرت بالحزن والتعاسة وضيق الحال ، وكلما تعرضت إلى إهانة من قبل عابري السبيل الذين كانوا يسيرون معي بطريقي ، وكلما ركب معي زبون متمرد لا يعجبه الحال .
 
هذا ما قاله ذلك العجوز الذي كان يعمل سائق أجرة ، عندما أوقفته بالطريق العام أنا وصديقتي ، في أحد الأيام من أجل توصيلنا لمكان نريده ، فتفاجأت من عباراته القاسية ، والتزمت الصمت رغم أن بداخلي بركان من التساؤلات ، حقيقة أثارت إستغرابي تلك العبارات وجعلتني أتمتم بصمت رهيب ماذا يا ترى حصل مع ذلك السائق العجوز جعله يشعر بهذا الحزن الكاهل على رأسه وقلبه .
 
أصبحت بدوامة تسير فقط بعقلي لدرجة أنني لم أشعر بمسافة الطريق ولا إلى أين وصلنا ، وبعدها بلحظات صغيرة ضرب جرس السائق بإذني كما الصاعقة التي نزلت على رأسي ، فنظرت إليه بتعجب وسألته ماذا حصل عمو ، فقال يا إبنتي إننا في وسط الزحام الشديد في تلك البلد والآن في فترة خروج الموظفين وقد تكدَّست الشوارع بالسيارات وعلت آلات التنبيه وظهرت علامات التعب النفسي على بعض سائقي السيارات .
 
فأجبته حسناً يا عمي ، ليس هناك مشكله كلها دقائق وتسير الأمور على ما يرام ، وتسلك تلك الزحمة المتراكمة بهذا الطريق ، فقال إن شاء الله لكن يا ابنتي أنا لن أستطيع أن أطيل الإنتظار بوسط هذا الزحام ، فسأحاول أن أخرج من هذا الزحام بطريقتي الخاصة ، وبالفعل أصبح هذا السائق يسير يميناً ويساراً وبحذر شديد من الخوف بالإصطدام بأحد .
 
حتى خرجناً من هذا الزحام بسرعة شديدة ، فتعجبت من حنكة هذا الرجل ، وقمت بإعطائه أجرة التاكسي مع إبتسامة لطيفة ورددت له يا عمي إنك سائق فريد وشخص يحمل الطيبة بقلبه ، فقال أتمزحي يا إبنتي ، فأجبته لا يا عمي بل أنا معجبة بقدرتك على قيادة السيارة بمهارة فائقة وأعصاب هادئة وبوجه بشوش ، حقاً يا عمي إنك فريد فلقد خرجت من وسط الزحام بكل هدوء ومهارة .
 
فأجابني شكراً يا إبنتي : إنني أعمل سائق أجرة منذ أعوام وسنوات طويلة ، وطيلة عملي لم أسمع أحد قط يمدحني هكذا ، فكل ما أسمعه يا ابنتي هو تمرد الزبائن ، والمغالطات الكثيرة ، غير الخبطات المتتالية التي تتلاقها أبواب سيارتي كلما ركب معي زبون .
 
فأجبته يا عمي إني لا أمدحك لكنني أعبر بحق عما أشعر به نحوك ، فكلها لحظات ورأيت الفرحة ترسم على وجه هذا السائق وقال السعادة تملأ قلبه وروحه شكراً يا ابنتي الجميلة ، وأسال الله لك السعادة ، وبعد أن وصلنا لمكانا أنا وصديقتي ونزلنا من سيارته بهدوء ، هو بعدها إنطلق بالتاكسي في هدوء مع إبتسامة غيرت ما كان يشعر به من حزن عندما ركبت معه  .

عندما نزلنا من سيارة السائق نظرت لي صديقتي بتعجب وهى تسألني لماذا قلتي هكذا لسائق التاكسي ؟ أنتي تعرفين ماذا فعلتي ؟ تفاجأت حقاً من حديثك مع هذا العجوز وكأنك تعرفينه منذ سنوت طويلة ؟ هل يا صديقتي أنتي أصبتي بالجنون ؟ فأجبتها والإبتسامة تملأ وجهي وشفاي هذا هو أسلوبي يا صديقتي فإنه لن يصلح أي مجتمع ما لم ترفع من معنويات كل إنسان 
 
أتعرفين يا صديقتي هذا السائق العجوز يعمل منذ سنوات وتعامل مع عشرات الأشخاص كل يوم ، وقد مر على رأسه الكثير والكثير من العقبات والصعوبات ، وقد يكون أحياناً تعرض إلى الإهانة من أحد الزبائن المتمردين ، ولكن بالمقابل ليس هناك أحداً منهم قام بشكر هذا السائق.
 
يا صديقتي هذا العجوز السائق إن شعر بإعجاب الناس به ، فإنه حتماً سيقدم خدمة ممتازة ويبعث روح السلام والمحبة في أعماقه كما في بيته ومع من يتعامل معهم ، بالإضافة إلى أنه إنسان يا صديقتي ومن حقه أن يعامل معاملة جيدة وحسنه ، فهو من يقوم بتوصيلناً ويتحمل المسئولية الكاملة لحمايتناً .
 
فأجابتني صديقتي بكل إستغراب وهل تظني أن سائق التاكسي سيصلح الملايين ؟ فأجبتها أنا أؤمن أن البذرة الصالحة إذ رويت بالمحبة والحنان وإستخدمت معها المعاملة اللطيفة والحسنة ، فإنها حتماً ستصبح شجرة مثمرة وخيرة كثيراً وتضم في أغصانها طيورًا كثيرة وتظلل على أناس وحيوانات كثيرة ، يا صديقتي إن العالم كله محتاج إلى كلمة محبة صادقة تنبع من قلب مخلص في حبه لكل البشرية . 
 
بانتظار أرائكم وتعليقاتكم 
eman ahmaed
الاسم المستعار : همس الاحباب

 

تحياتي
 

هناك تعليق واحد:

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...