الجمعة، 10 أبريل 2020

كيان مبعثرة بقايا



 
أسعد الله صباحكم بكل خير
وأسال الله السعادة لكم جميعاً
وأتمنى من الله أن يكون الجميع بألف خير
أنرتم زواري ومتابعي مدونة أناقة فكر (لنقرأ معاً)
موضوعي اليوم بعنوان(كيان مبعثرة بقايا)

سيطر الهدوء والصمت على كيانها المنهك ، ونال من قلبها الحزن والألم ، وأصبحت عيونها تناظر هنا وهناك بصمت مؤلم وحيرة تكاد تشتعل كما البركان الذي يريد أن ينفجر بالدموع والآهات ، لكن تذكرت بلحظة لماذا هى هنا ، فتمالكت نفسها من أجله فقط ،ونظرت إليه وكتمت دموعها بصمت متقطع لا يشعر بأنينه إلا روحها.

وبعد تنهيدة عميقة نظرت للمكان وقالت لقد امتلأ المكان برائحة المحاليل والمطهرات الطبية التي أفقدتني صوابي ، وتلاشت الكلمات مني بوسط ضباب من الحزن والقلق ، لقد أصبح الموت المرتقب يأتى زائرا مع كل لحظة تمر أمام ناظري ، فلا أملك إلا التنهيدة المرتجفة بدموع الخوف ، وتارة آخرى أجفف العرق من فوق جبينه وجبيني الذي أصبح يقطر عرقاً ، أصبحت لا أقوى على رؤيته وهو منهك والمرض يأكل منه ، ليس هو وحده بل الكثير ، فأصبحت لا أقوى على رؤية ومتابعة تلك الأجسام المتهالكة التى تتهاوى عند كل محاولة منه للوقوف .

لقد كانت مهمتي متابعة جميع المرضى ، وهدفي بالحياة علاجهم ، وإعادة الحياة والنبض لهم بعد قدرة الله عزوجل ، فعملت بكل إخلاص وإتقان ، حتى أتى ذلك اليوم العاصف ، الزاخر بموجات من الدموع والأحزان ، يوم إنهارت فيه قواي ، وتحطمت جميع أركاني وتفاصيلي ، لقد أحسست حقاً بالشلل  الكامل ، بمجرد رؤيته أمام ناظري منهك ، مسالم ، المرض يأكل من جسده ، والروح تتنهد بصعوبة كبيرة .

أصبحت أشعر كأنني بدوامة تأخذني شرقاً وغرباً ، تتمرج فيني كيف تشاء ، فقدت إحساسي بما حولي ، نظري توقف أمام عيناه التي تنظر إلي والدموع ترقرق ، تريد أن تنهمر بغزارة ،لتقول لي أعذريني يا حبيبة عمري ، فقد أخلفت الوعد، ونال مني المرض ، فقدرة الله فوق كل شي يا حبيبتي ، فإنهرت بدموع وتخارت قواي وكأنها كيان يحتضر.

حتى أتت صديقتي الدكتورة تردد في أذني وكأنها تريد أن تعيد لي وعي الذي فقدته عند رؤية شريك حياتي ، تردد بصوت دوت رناته بكل أركان المستشفى ، ما بك يا طبيبة أنقذي المريض ، وأدخليه فوراً للإسعاف ، فهو يحتاج إلى تنفس صناعي ، أسرع هياً نفذي مهمتك ، بتلك اللحظة صوتها وصرخاتها أفاقتني من غيبوبتي وأعادت لي وعي ، فأسرعت مهرولة كما المجنونة ، أقترب من مريض عمري ، أتفحصه بالكامل والدموع تنهمر حتى غطت كامل وجهه ، لا أدري حقيقة كيف قمت بعمل الإسعافات الأولية ، لكن كل ما أذكره أنها كانت أصعب لحظة مرت على حياتي .

بعد محاولات عدة ، أعدته له التنفس بقدرة الله عزوجل ، لكن للأسف لا أدري ماذا جرى ، ولماذا وصل إلى هذا الحال ، وكيف مرض فجأة ، فقد خرجت من عنده بالصباح والإبتسامة تملأ وجهه ، وتغاريد العصافير شاهدة على كلماته وألحانه الصادقة لي ، فقد خرجت وأنا مطمئنة ، لا أدري ماذا جرى ، لكن كلها سويعات حتى أتاني زائراً ، راقداً على سرير المرض لا يقوى على المسير ، ياااه ما أصعبه من إمتحان ، وما أقساه من حزن عندما يأتي بعد لحظات فرح لم تغفل عينها لحظة .

لم يعد بقدرتي رؤيته هكذا ، فهربت فى ذلك الركن البعيد عن الأعين حيث يرقد حلمي هناك ، يتألم فيتسرب الألم مني حيث تكون أحلامي ساكنه ، بقيت لساعات جالسة لوحدي ، أتذكر حلمي ولحظاتي ، وأردد كيف لتلك الحياة أن تسرق مناً عزيزاً وغالي بلحظة سريعة كسرعة البرق ، حتى أنها لا تعطينا الفرصة للإختيار ، حياة قاسية تعصف بناً كما الأمواج العاتية ، والرياح الرملية العاصفة التي لا ترى أمامها سوى غضبها وتأخذ كل من يقابلها ، وما هى إلا لحظات حتى دق جرس هاتفي ، يستدعوني لرؤية المريض ، فهو يطلبني لرؤيته ، وبتلك اللحظة أصابني الذعر الشديد ، ورجوت الله كثيراً أن يطيل بقائه ، ولا يحرمني من أمانته ، رجوت كثيراً والدموع تنهمر مني .

حتى وصلت أمام غرفته ، إقتربت منه وبكل ثانية أقترب كانت تزيد دقات وضربات قلبي ، لتجعلني عاجزة عن الحركة ، لقد أصابت يدي رعشة جعلتني غير قادرة على مداواته وتحمل المزيد ، فسرحت فى عينيه المنكسرة لحظات أستعيد بها يوم ولادته ذلك اليوم الذى رأتيه أمامي وتعرفت عليه وأصبح شريك عمري ، ذلك اليوم الذي فيه كان ميلاد حلمي الجديد ، وأمل كدت أن ألمسه بيدي ويبقى معي طول الدهر .

لكن الأقدار مكتوبة لا مفر منها ، والدموع حتماً ستنال نصيبها من العيون ، والقلوب مثلما دخلت لها الفرحة ، لا بد أن تدخلها الأحزان ، فتلك مراتب الحياة العجيبة ، آآه قدر مكتوب ومحتوم أتى واتخذ طريقه وكان مخالفا لأمالي ، عندما هاجم المرض روحي وحياتي معلنا تحطيم ذلك الكيان الذي بقيت دهوراً أبني فيه وأعيد له حياته وصموده.

لقد أغلقت عيني وتركت الدموع تنساب مني وهى تردد " كنت حريصة على أمنحك الأمان والحب فلتلتمس لى العذر لم أعد أملك سوى الحب الذى أمنحه لما تبقى من حياتك ، أزلت الدموع من عيني ملقيه ببصري تجاه تلك الأجسام المتهالكة التى كانت ذات يوم تنبض بالحياة ، بداخلهم رغبات منهم من كان يسعى لتحقيقها والبعض كان يحاول وآخرون حققوا تلك الرغبات بعد عناء وصبر طويل .

كانت ترى فى عيونهم ضحكات وآمال أما الآن لم تعد ترى سوى دموع تبحث عن ملامح صاحبها وبقايا كيان لم يكتمل
وانثى لا ترى بداخلها الا كيان مبعثرة بقايا ، تحاول أن تستعيده وتلملمه  .


بانتظار أرائكم وتعليقاتكم 

eman ahmaed
الاسم المستعار : همس الاحباب
 
تحياتي 

هناك تعليق واحد:

  1. هيك الحياة الغالي بتخطفه منا وتترك لنا ذكرياته

    ردحذف

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...