السبت، 5 مارس 2022

الطرقات الخالية

 

 
 
أسعد الله مساكم بكل خير 
زوار ومتابعي مدونة أناقة فكر ♥️(لنقرأ معاً)
حروفي اليوم بعنوان (الطرقات الخالية )
 

الطرقات الخالية 

تأتي علينا لحظات نشعر فيها بأن الحياة أصبحت ضيقة جداً ، كضيق خرم تلك الإبرة الصغيرة جداً ، والتي لا نستطيع أن نضع بداخلها هذا الخيط الرفيع ، فنهرب بعيداً من أنفسناً وواقعناً الأليم ، بل حياتناً التي نعيشها بالكامل ، نعم نهرب إلى تلك الطرقات الواسعة والخالية من البشر ، تلك الطرقات التي تضم بين أحضانها دموع مكسورين المشاعر والحب ، مفتقدين لذة الحياة ، وطعم الحنان والصدق، المجروحين من أعماق قلوبهم ، الذين لا يجدون أن تلك اليد الحنونة التي تطبطب عليهم وتداوي جراحهم .
 
فنسير بتلك الطرقات الخالية وحدناً ومع أرواحناً وانكسارتناً ، خوفاً من الهزيمة مرة أخرى ، وربما نسير وحدناً في الظلمات والطرقات والآفاق تائهين ، ضائعين ، مهزومين ، غير قادرين على تحديد الهدف مجدداً ، وأين المسير بدروب تلك الحياة بعد أن صفعتناً بكل قوتها وجبروتها ، ونتمتم كما المجنون الذي لا يعرف أين دروبه ، ذاك المجنون الذي أصابته نوبة الجنون بلحظة غير متوقعة .
 
فنردد أين السبيل لنا بتلك الحياة وهل المهرب للطرقات الخالية هو أصبحنا ملاذنا الوحيد؟بعدما أغلقت الأنفاس منافذها بعيونناً ، وضاع عبيرها الفاتن بين جدران الصمت الكئيب ، وإلى أين نلجأ بعد أن أغلقت وصدت القلوب قبل الأبواب أمامناً ؟ ومن المنقذ لنا بتلك الحياة بعد أن ضاعت ركائز السند وضاعت مفاتيح الوفاء ، ودفنت بين طيات الأرواح لغات الشغف العتيد ؟ وما نهاية ما تفعله بنا دقات القلب اللعينة التي لا ترحم أبداً ؟ 
 

تساؤلات كثيرة نرددها لأنفسناً 

تساؤلات كثيرة نرددها وحدنا ، ونحن نسير بتلك الطرقات الخالية ، فإنها تعج بداخل هذا العقل لتضرب بكل قوتها بين خلجات القلب ، فتعيد له صحوته المميتة فهي حقاً قاسية ، متمردة ، جارحة ، تعزف على وتر القوة ...!!
 
إنها مثل تساؤلات الأسير الذي ضاع شبابه خلف القضبان والذي يحن للحرية ورائحتها ،كما المغترب الذي يتعطش لرائحة  ياسمين بيته وأرضه، كما المتعطش للوطن ولعطر أنفاس الأم ، كما عابر السبيل الذي يتمنى أن يجد ضالته بمكان ما ويأخذ أنفاس إستراحته بعد تعب طويل ، المشتاق الذي غاب وفارقاً معشوقاً حقباً من الزمن لا عدد لسنواته ، تساؤلات نطلقها بين جدران تلك الطرقات لتبقى وليدة تنبض بين شرايين النبض ، ليس لديها أي جواب شافي ومقنع .
 
والنهاية دوماً لا أعلم أين السبيل المرجوه منه ، لا أعلم أين توجد نهاية المطاف ، بل لا أعلم أي السبيل سأعبر بتلك الحياة الحالكة ، المظلمة ، القاتمة ، فإن أحلامي وآمالي ، وطموحاتي ، أصبحت بعيدة جداً عني ، بعيدة كبعد النجوم المتلألأ عن الأرض ، بعيدة كبعد الصحراء المتعطشة للغيث بيوم الصيف الحارق ، بعيدة كبعد تلك الرمال الناعمة التي تشتاق أن تلاطمها الأمواج بلحظة هدوء عابر مع نسمة ربيع هادئة 
 

أحلام بعيدة 

نعم إنها بعيدة جداً ، ولا ترتضي مني التراجع والتخلي ، ومع ذلك ورغم بعدها الناطح ، كناطحة السحاب العالية ، فإنني أحاول مراراً بل تكراراً ، أن ألامسها بيدي المشتاقة للوصول إليها وتحقيقها ، أو حتى تناظرها عيني المتلهفة ، ويشمع عبيرها الفواح عبير أنفاسي المشتاقة ، لكن للأسف يأتي ذلك عبثاً عبثاً ، ورغم هذا البعد .
 
ورغم هذا البعد ، وهذا الفشل المتكرر بكل مرة في عدم الوصول لأحلامي وتحقيقها ، ما زال الضوء الخافت المنير بين تلك الطرقات الخالية يضيء بين نبضات قلبي ، بل يزيدها لهيباً بين خلجات الروح ، فكلما سرح فكري وخيالي بعيداً حيث تسكن أحلامي وطموحاتي ، رأيت نجمة من السماء تتلألأ بسحر خلاب وتزيد لمعتها .
 
فكلماً أطلت النظر إليها وحدقت بها أجد نفسي كما تلك النجمة المضيئة التي تريد أن تبعث الحياة والأمل من جديد بداخلي ، التي تريد مني أن ألتقط نجمة أخرى وأتمسك بأحلامي ، فكلها لحظات مؤقتة تروادني خلال المسير بين تلك الطرقات الخالية ، حتى يتوه الفكر مني مجدداً .
 
لأرى ما أحاول التمرد عليه وهى أحلامي عندما تهرب مجدداً مني ، لا أدري ما حقيقة هذا الشعور المؤلم الذي كلما حاولت فيه الاقتراب من أحلامي أجدها تبعد عني عبثاً ، وتجدني أناجي الأحلام مرددة بكل يأس هل سمحتي لي أيتها الأحلام أن ألتمسك ، فأرجوك إقتربي مني فإني أريدك معي وبذاتي طيلة الحياة .

تحياتي
 

 
 

هناك 4 تعليقات:

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...