الاثنين، 26 أكتوبر 2020

أبي أدبني وجدي لم يؤدب أبي

 



أسعد الله مساكم بكل خير 

وأسال الله السعادة لكم جميعا
زوار ومتابعي مدونة أناقة فكر (لنقرأ معا)
موضوعي اليوم بعنوان (أبي أدبني وجدي لم يؤدب أبي)

رأيت بأحد الأيام إمرأة مسنة ،الشيب يملأ رأسها وشعرها وملامح وجهها يكسوها تجاعيد منفردة ، وقد ظهر عليها من حديثها أنها تحمل الكثير من خبرة الحياة بين جعبتها ولديها الكثير من المعلومات الثرية والقيمة بحكم خبرتها فنظرت لها وحدتثها قائلة ياعزيزتي الغالية ، حدثيني عن زمنك الجميل وما تحمله حنايا قلب وروحك من خبرة .

قالت إسمعيني يا طفلتي ،يحكى أن ملكا من الملوك خرج ذات يوم مع وزيره للغزو، وفي الطريق شاهدا ولدا يسير، فنادى وزير الملك على الولد الصغير،وطلب منه أن يحضر بين يدي الملك.

فحضر الولد الصغير بالحال ، فقال له الملك: ما اسمك؟
أطرق الولد الصغير برأسه قليلا احتراما للملك ، ثم رفع رأسه، وقال: اسمي فتاح ، فسر الملك وتفاءل بالخير، ثم سأل الملك الولد الصغير : إلى أين تذهب ؟ فأجابه الولد: إلى المعلم.

فازداد فرح الملك وسروره (الولد اسمه فتاح وذاهب الى المعلم ) بعد ذلك سأل الملك الولد: وما درسك؟ فأجاب الولد: إنا فتحنا لك فتحا مبينا ، فعندما سمع الملك كلام الولد الصغير ، فرح فرحا كثيرا واعتنق الولد وقبله، وقال له: اذهب يا بني على بركة الله إلى درسك.

نعم وبالفعل ذهب الملك ووزيره للغزو ، وانتصر الملك في المعركة وفي طريق العودة لدياره قال الملك لوزيره: نريد أن ندهب إلى المعلم لكي نكافئ الولد الصغير الذي تفاءلنا به، قال الوزير: سمعا وطاعة يا مولاي.

ذهب الملك والوزير إلى المعلم واستقبلهما المعلم بالسلام والتحية وأجلس الملك على يمينه والوزير على يساره، نظر الملك في وجوه الأولاد، فرأى الولد الذي تفاءل به جالسا في زاوية المجلس ، قال الملك للوزير: أريد الولد الجالس في الزاوية وأشار إليه بيده.

فصاح المعلم على الولد الصغير قائلا له: عابس تعالى هنا يا بني ، جاء الولد وجلس بأدب بين يدي الملك ، استغرب الملك من الولد وقال في نفسه: عندما سألته قال لي: اسمه فتاح ، والآن المعلم يناديه عابس ،قال الملك للمعلم: دعه يقرأ في درسه ، قال المعلم للولد : اقرأ يا بني في درسك ، فقرأ الولد: عبسَ وتولى، أن جاءه الاعمي.

فازداد استغراب الملك ودهشته ، فسأل الملك الولد: لماذا عندما سألتك عن اسمك قلت : فاتح ، وعندما سألتك عن درسك قلت : إنا فتحنا لك فتحا مبينا؟

قال الولد: أنا ولد صغير ،وأنت ملك البلاد وعندما سألتني عن اسمي ، فكرت في الأمر وقلت : من غير المعقول ان الملك يوقفني ويسألني عن اسمي من غير هدف، ولذلك قلت لك: اسمي فتاح، ودرسي (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) لأكون فال خير عليك.

أعجب الملك بأدب و ذكاء الولد وقال الوزير: اعطه دينار
رفض الولد أخذ الدينار ، فنهره الوزير ، وقال له : أترفض عطية الملك؟ قال الولد الصغير : أنا لا أرفض عطية الملك بل أتشرف وأسعد بها ،ولكن اذا رجعت إلى البيت سيقول لي والدي : من أين لك هذا الدينار؟ قال الوزير: قل له من الملك ، قال الولد: لن يصدقني وسيقول لي: ان الملوك لا يعطون دينارا ، فازداد إعجاب الملك بأدب الولد وذكائه و قال للوزير: اعطه مائة دينار .

بعد ذلك ودع الملك المعلم وخرج فنادى المنادي: ابتعدوا عن طريق الملك هيا أفسحوا الطريق للملك ،فابتعد جميع الناس ووقفوا على جانبي الطريق ، ولكن هناك رجل كبير وطاعت في السن ، عليه ثياب رثة وشعره كبير وحالته لا تسر الناظرين لم يريد أن يبتعد عن الطريق ، وأخذ يكيل الشتم والسب المتكرر للملك بصوت عالي ، ويقول بصوت مرتفع : من هذا الملك ؟ الفاعل الكذا .... الكذا ....

فغضب الملك وقال : اقبضوا عليه ، واعلنوا في البلاد من أراد ان ينظر إلى تأديب المسيء فليقبل فاجتمع الناس في ساحة كبيرة للنظر إلى تأديب المسيء.

في تلك اللحظة خرج الولد مع الأولاد من المعلم فسمعوا المنادي ، فذهبوا مع الناس ليروا كيف سيكون تأديب هذا المسي؟ فبينما هم يسيرون واذا بالولد يحدق النظر بقوة وفجأة أخذ يشق الصفوف،و يركض بسرعة كبيرة باتجاه الملك، وعندما وصل الى الملك، أخذ المائة دينار ، ورماها في حضن الملك، وقال له: هذه فداء لأبي .

فتعجب الملك، اقترب من الولد الصغير وقاله له هذا أبوك  فقال الولد: نعم ، فقال الملك: نعم الابن وبئس الأب ،فقال الولد للملك أرجوك لا تقل هكذا عن أبي ، بل قل نعم الأب وبئس الجد،  فأبي أدبني ولكن جدي لم يؤدب أبي.

فقال الملك للولد: لقد عفونا عن أبيك اكراما لك.

تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشعور الخفى

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، الحب .. هو ذلك الشعور الخفى الذى يتجول فى كل مكان ويطوف الدنيا بحثا عن فرصتة المنتظرة ليداعب الأحساس وي...